خيول أكحل تيكي الجواهر الذهبية النادرة
تتواجد سلالة
خيول "أكحل تيكي" في أعماق صحاري تركمانستان، وهي من الجواهر الثقافية
والشعبية النادرة التي تمثل رمزًا وطنيًا وشرفًا لا يُقدر بأي ثمن، وهذه الخيول
ليست مجرد حيوانات جميلة وفقط؛ بل تعتبر تحفة فنية خلقت لتسير على الأرض، ويبرز
لمعانها تحت أشعة الشمس بلونها الذهبي أو الفضي أو الأسود البراق الجذاب، وتجعل كل
من يراها يعتقد أنها كائن أسطوري من وحي الخيال.
وقد ظهر
هذا الصنف الفريد من الخيول قبل آلاف السنين، وهناك جدل كبير حول أصوله، فبينما
يرى البعض أنه أصله يرجع إلى الخيول العربية الأصيلة، يذهب آخرون إلى أن جذوره ترجع
إلى صحراء "أخال" التركمانستانية، حيث نشأ هناك وتحمل أقسى الظروف
المناخية والتضاريسية.
أكحل تيكي: الرشاقة والبريق الذهبي في صورة حصان
إن أهم ما يميز هذه السلالة عن غيرها هو جمالها الفاتن، وأناقتها
الفريدة؛ فهي خيول طويلة، وقوامها رشيق وجسمها نحيل، ذات عيون جميلة تفتن الناظرين،
وحوافرها قوية تمنحها قدرة هائلة على تحمل الصعوبات، وطولها يصل إلى 1.60 سنتمتر،
ووزنها يتراوح بين 450 إلى 500 كيلوغرام، وتُعرف خيول "أكحل تيكي"
برشاقتها وسرعتها الاستثنائية، ما يجعلها الخيار الأمثل للسباقات والرحلات الطويلة
في الصحراء.
غير أن أكثر ما يدهش في هذه الخيول هو لمعانها الذي اكتسبت بسببه لقب
"الخيول الذهبية"، فهي تبدو كأنها مغلفة بطبقة من ضوئية لامعة، متألقة
في ألوان مختلفة مثل اللون الذهبي، الفضي، الأسود، البني.
الندرة تزيده قيمة مالية وتراثية
تصنف خيول "أكحل
تيكي" من بين أصناف الخيول النادرة في العالم، حيث لا يوجد منها سوى ما يقارب
7000 حصان فقط في العالم ككل، ويتواجد أغلبها في تركمانستان، بينما تنتشر البقية
القليلة في كل من روسيا وأوروبا، وهذه الندرة هي سبب كونها من أغلى وأثمن سلالات
الخيول، إذ يبلغ سعر الواحد منها أحيانا إلى ما يفوق ميلوني دولار، مما يصنفها في لائحة
أغلى الخيول في العالم.
الحصان الوفي جزء من العائلة
تتميز خيول
أ"كحل تيكي" بولائها المطلق لمالكها، ويكاد هذا الأمر مدهشا للغاية إذ
إن طاعتها وولاءها يصيبان المرء بدهشة كبيرة، فهي تُعرف باسم "حصان السيد الواحد"،
إذ تعمل على بناء علاقة قوية وفريدة مع مروضها أو مدربها، ولا تتقبل أي شخص آخر
إلا بصعوبة كبيرة، وهي في حاجة إلى مدربين ذوي خبرة عالية لإقامة رابطة قوية معها،
حيث تتعامل مع مدربها وكأنه جزء من حياتها ولا تسمح لغيره بامتطائها أو التعامل
معها.
وقد بلغت درجة
ارتباطها بأصحابها إلى حد أنها قد ينقلب طبعها فجأة وتصير مخلوقا شرسا إذا شعرت
بأي تهديد يتربص بمدربها أو من تعيش معه، وهو ما جعلها تُعامل في أزمنة مضت وكأنها
فرد من الأسرة، إذ يلبسونها الملابس الفاخرة ويعملون على تزيينها بالمجوهرات
النفيسة.
الحصان البراق يهدده الانقراض
من المؤسف
جدا أن هذه السلالة المدهشة والفريدة من نوعها مهددة بالانقراض والزوال، إذ إن
العدد المتبقي منها عبر العالم قليل جدا مقارنة مع سلالات الخيول الأخرى، وذلك
بسبب العديد من التحديات والعوامل التي واجهتها عبر التاريخ، من قبيل الحروب
السوفييتية التي عملت على إغلاق مزارع تربية الخيول، إلى جانب ندرة الطلب عليها في
سباقات الخيول العالمية، ولقد جعلتها هذه الوضعية المهددة لها تحتل مكانة في قائمة
أولويات الحفاظ على الثروة الحيوانية على المستوى العالمي.
أكحل تيكي: رمز هوياتي بامتياز
بالرغم من
كل التحديات، لا تزال هذه الخيول ملهمة وتعد من مصادر الفخر الوطنية للتركمانستانيين،
حيث يعملون على تنظيم سباقات خاصة بها منذ أكثر من 3000 عام، وتُقام في منطقة "عشق
آباد"، ويتم منع سلالات الخيول الأخرى من المشاركة فيها، كما يتم الاحتفال في
كل سنة باليوم الوطني لخيول "أكحل تيكي"، وذلك في الأحد الأخير من كل شهر
أبريل، حيث تم إدراجها كعطلة رسمية في البلاد.
وهذه
الخيول ليست مخصصة للسباقات والاستعراضات وفقط، بل هي جزء لا يتجزأ من التراث
والهوية الثقافية، إذ يتم طبع صورها على الطوابع البريدية والأوراق النقدية وحتى
شعار النبالة الوطني، وبالتالي فهي رمز هوياتي لا يمكن التخلي عنه.
في الختام
يجب أن نؤكد على أن خيول "أكحل تيكي"
أكثر من مجرد سلالة؛ بل هي أسطورة متجددة تحكي قصة صمود وجمال نوعي وفريد في عالم
الفروسية.